المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من روائع ~ سِيرَةُ الرَّسُولِ وَأَخْلَاقُهُ وَأَقْوَالُهُ وَأَفْعَالُهُ وَشَرِيعَتُه


ريحانة القلب
07-15-2021, 01:45 PM
الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (5/ 437)
[فَصْلٌ: شَخْصِيَّةُ الرَّسُولِ وَشَرِيعَتُهُ وَأُمَّتُهُ، وَكَرَامَاتُ الصَّالِحِينَ مِنْهَا، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِهِ]

وَسِيرَةُ الرَّسُولِ وَأَخْلَاقُهُ وَأَقْوَالُهُ وَأَفْعَالُهُ وَشَرِيعَتُهُ مِنْ آيَاتِهِ، وَأُمَّتُهُ مِنْ آيَاتِهِ، وَعِلْمُ أُمَّتِهِ وَدِينُهُمْ مِنْ آيَاتِهِ، وَكَرَامَاتُ صَالِحِ أُمَّتِهِ مِنْ آيَاتِهِ. وَذَلِكَ يَظْهَرُ بِتَدَبُّرِ سِيرَتِهِ مِنْ حِينِ وُلِدَ وَإِلَى أَنْ بُعِثَ، وَمِنْ حَيْثُ بُعِثَ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَتَدَبُّرِ نَسَبِهِ وَبَلَدِهِ وَأَصْلِهِ وَفَصْلِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ أَشْرَفِ أَهْلِ الْأَرْضِ نَسَبًا، مِنْ صَمِيمِ سُلَالَةِ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ، فَلَمْ يَأْتِ نَبِيٌّ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، وَنَجْعَلُ لَهُ ابْنَيْنِ: إِسْمَاعِيلَ، وَإِسْحَاقَ، وَذُكِرَ فِي التَّوْرَاةِ هَذَا وَهَذَا، وَبُشِّرَ فِي التَّوْرَاةِ بِمَا يَكُونُ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ مَنْ ظَهَرَ فِيمَا بَشَّرَتْ بِهِ النُّبُوَّاتُ غَيْرُهُ، وَدَعَا إِبْرَاهِيمُ لِذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ بِأَنْ يَبْعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ، ثُمَّ مِنْ قُرَيْشٍ صَفْوَةِ بَنِي إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ صَفْوَةِ قُرَيْشٍ، وَمِنْ مَكَّةَ أُمِّ الْقُرَى وَبَلَدِ الْبَيْتِ الَّذِي بَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى حَجِّهِ، وَلَمْ يَزَلْ مَحْجُوجًا مَنْ عَهْدِ إِبْرَاهِيمَ، مَذْكُورًا فِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ بِأَحْسَنِ وَصْفٍ.

وَكَانَ مِنْ أَكْمَلِ النَّاسِ تَرْبِيَةً وَنَشْأَةً، لَمْ يَزَلْ مَعْرُوفًا بِالصِّدْقِ وَالْبِرِّ وَالْعَدْلِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَتَرْكِ الْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ وَكُلِّ وَصْفٍ مَذْمُومٍ، مَشْهُودًا لَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ جَمِيعِ مَنْ يَعْرِفُهُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَمِمَّنْ آمَنَ بِهِ، وَمِمَّنْ كَفَرَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ لَا يَعْرِفُ لَهُ شَيْءٌ يُعَابُ بِهِ؛ لَا فِي أَقْوَالِهِ، وَلَا فِي أَفْعَالِهِ، وَلَا فِي أَخْلَاقِهِ، وَلَا جُرِّبَ عَلَيْهِ كَذْبَةٌ قَطُّ، وَلَا ظُلْمٌ وَلَا فَاحِشَةٌ، وَكَانَ خَلْقُهُ وَصُورَتُهُ مِنْ أَكْمَلِ الصُّوَرِ وَأَتَمِّهَا وَأَجْمَعِهَا لِلْمَحَاسِنِ الدَّالَّةِ عَلَى كَمَالِهِ، وَكَانَ أُمِّيًّا مِنْ قَوْمٍ أُمِّيِّينَ لَا يَعْرِفُ، لَا هُوَ وَلَا هُمْ مَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ: التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، وَلَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا عَنْ عُلُومِ النَّاسِ، وَلَا جَالَسَ أَهْلَهَا، وَلَمْ يَدَّعِ نُبُوَّةً إِلَى أَنْ أَكْمَلَ اللَّهُ لَهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَتَى بِأَمْرٍ هُوَ أَعْجَبُ الْأُمُورِ وَأَعْظَمُهَا، وَبِكَلَامٍ لَمْ يَسْمَعِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ بِنَظِيرِهِ، وَأَخْبَرَنَا بِأَمْرٍ لَمْ يَكُنْ فِي بَلَدِهِ وَقَوْمِهِ مَنْ يَعْرِفُ مِثْلَهُ.
، ثُمَّ اتَّبَعَهُ أَتْبَاعُ الْأَنْبِيَاءِ وَهُمْ ضُعَفَاءُ النَّاسِ، وَكَذَّبَهُ أَهْلُ الرِّيَاسَةِ وَعَادَوْهُ، وَسَعَوْا فِي هَلَاكِهِ وَهَلَاكِ مَنِ اتَّبَعَهُ بِكُلِّ طَرِيقٍ، كَمَا كَانَ الْكُفَّارُ يَفْعَلُونَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَأَتْبَاعِهِمْ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُ لَمْ يَتَّبِعُوهُ لِرَغْبَةٍ، وَلَا لِرَهْبَةٍ،

فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ يُعْطِيهِمْ، وَلَا جِهَاتٌ يُوَلِّيهِمْ إِيَّاهَا، وَلَا كَانَ لَهُ سَيْفٌ، بَلْ كَانَ السَّيْفُ، وَالْمَالُ، وَالْجَاهُ مَعَ أَعْدَائِهِ. وَقَدْ آذَوْا أَتْبَاعَهُ بِأَنْوَاعِ الْأَذَى، وَهُمْ صَابِرُونَ مُحْتَسِبُونَ لَا يَرْتَدُّونَ عَنْ دِينِهِمْ لِمَا خَالَطَ قُلُوبَهُمْ مِنْ حَلَاوَةِ الْإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ. وَكَانَتْ مَكَّةُ يَحُجُّهَا الْعَرَبُ مِنْ عَهْدِ إِبْرَاهِيمَ فَتَجْتَمِعُ فِي الْمَوْسِمِ قَبَائِلُ الْعَرَبِ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ يُبَلِّغُهُمُ الرِّسَالَةَ، وَيَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ صَابِرًا عَلَى مَا يَلْقَاهُ مِنْ تَكْذِيبِ الْمُكَذِّبِ، وَجَفَاءِ الْجَافِي، وَإِعْرَاضِ الْمُعْرِضِ، إِلَى أَنِ اجْتَمَعَ بِأَهْلِ يَثْرِبَ وَكَانُوا جِيرَانَ الْيَهُودِ قَدْ سَمِعُوا أَخْبَارَهُ مِنْهُمْ، وَعَرَفُوهُ، فَلَمَّا دَعَاهُمْ عَلِمُوا أَنَّهُ النَّبِيُّ الْمُنْتَظَرُ الَّذِي تُخْبِرُهُمْ بِهِ الْيَهُودُ، وَكَانُوا قَدْ سَمِعُوا مِنْ أَخْبَارِهِ مَا عَرَفُوا بِهِ مَكَانَتَهُ، فَإِنَّ أَمْرَهُ كَانَ قَدِ انْتَشَرَ، وَظَهَرَ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَآمَنُوا بِهِ، وَبَايَعُوهُ عَلَى هِجْرَتِهِ وَهِجْرَةِ أَصْحَابِهِ إِلَى بَلَدِهِمْ، وَعَلَى الْجِهَادِ مَعَهُ، فَهَاجَرَ هُو وَمَنِ اتَّبَعَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَبِهَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ آمَنَ بِرَغْبَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ، وَلَا بِرَهْبَةٍ إِلَّا قَلِيلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَسْلَمُوا فِي الظَّاهِرِ، ثُمَّ حَسُنَ إِسْلَامُ بَعْضِهِمْ، ثُمَّ أُذِنَ لَهُ فِي الْجِهَادِ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ، وَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا بِأَمْرِ اللَّهِ عَلَى أَكْمَلِ طَرِيقَةٍ، وَأَتَمِّهَا مِنَ الصِّدْقِ وَالْعَدْلِ وَالْوَفَاءِ، لَا يُحْفَظُ لَهُ كَذِبَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا ظُلْمٌ لِأَحَدٍ وَلَا غَدْرٌ بِأَحَدٍ، بَلْ كَانَ أَصْدَقَ النَّاسِ وَأَعْدَلَهُمْ، وَأَوْفَاهُمْ بِالْعَهْدِ، مَعَ اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ عَلَيْهِ مِنْ حَرْبٍ وَسِلْمٍ وَأَمْنٍ وَخَوْفٍ وَغِنًى وَفَقْرٍ وَقِلَّةٍ وَكَثْرَةٍ، وَظُهُورِهِ عَلَى الْعَدُوِّ تَارَةً وَظُهُورِ الْعَدُوِّ عَلَيْهِ تَارَةً، وَهُوَ

- عَلَى ذَلِكَ - لَازِمٌ لِأَكْمَلِ الطُّرُقِ وَأَتَمِّهَا، حَتَّى ظَهَرَتِ الدَّعْوَةُ فِي جَمِيعِ أَرْضِ الْعَرَبِ الَّتِي كَانَتْ مَمْلُوءَةً مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَمِنْ أَخْبَارِ الْكُهَّانِ، وَطَاعَةِ الْمَخْلُوقِ فِي الْكُفْرِ بِالْخَالِقِ، وَسَفْكِ الدِّمَاءِ الْمُحَرَّمَةِ، وَقَطِيعَةِ الْأَرْحَامِ، لَا يَعْرِفُونَ آخِرَةً وَلَا مَعَادًا، فَصَارُوا أَعْلَمَ أَهْلِ الْأَرْضِ وَأَدْيَنَهُمْ وَأَعْدَلَهُمْ وَأَفْضَلَهُمْ، حَتَّى إِنَّ النَّصَارَى لَمَّا رَأَوْهُمْ - حِينَ قَدِمُوا الشَّامَ - قَالُوا: مَا كَانَ الَّذِينَ صَحِبُوا الْمَسِيحَ بِأَفْضَلَ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَهَذِهِ آثَارُ عِلْمِهِمْ وَعَمَلِهِمْ فِي الْأَرْضِ، وَآثَارُ غَيْرِهِمْ يَعْرِفُ الْعُقَلَاءُ فَرْقَ مَا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ.
https://l.top4top.io/p_19393jux41.gifhttps://l.top4top.io/p_19393jux41.gifhttps://h.top4top.io/p_1939htqzc1.gifhttps://l.top4top.io/p_19393jux41.gifhttps://l.top4top.io/p_19393jux41.gif

صواديف عشاق
07-16-2021, 06:09 AM
عواافي رائع ماجلبته كفيك وقيمه
لك السعادهه والعافيهه :img_1489::eq-33:

ريحانة القلب
07-16-2021, 04:17 PM
:44444: صواديف عشاق :44444:

تسلمي على مروركِ الطيّب
أنرتِ

ابو الملكات
07-16-2021, 09:59 PM
اللهم صلى وسلم على الحبيب المصطفى عليه افضل الصلاة والتسليم
جزاك الله خير ورحم والديك شكراً على طرحك الكريم

ريحانة القلب
07-21-2021, 11:25 AM
:365: أبو الملكات :365:
تسلم على المرور
نورت