المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أَيَنقص الدين وأنا حي؟!


ريحانة القلب
08-27-2021, 05:51 PM
لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجفت قلوب المسلمين وأصابت العرب زلزلة عظيمة، وعظم الخطب واشتد الحال ونجم النفاق وارتد من ارتد وظهر الطاعون وتغربلت النفوس فسقط منها الخبيث أكلي بقايا الموائد ورقص الرقاصون وطلت رؤس تجار الدين كالشياطين ومدعو النبوة وامتنع قوم عن أداء الزكاة ولم يبق للجمعة مقام في كل بلد سوى مكة والمدينة والطائف وبعض بطون القبائل.

وأصبح وضع الدولة الردة -كما قال عروة بن الزبير رضي الله عنه: "كَالْغَنَمِ الْمَطِيرَةِ فِي اللَّيْلَةِ الشَّاتِيَةِ، لِفَقْدِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِلَّتِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدُوِّهِمْ"

عندها وقف ذلك الرجل، نحيف الجسم، معروق الوجه، قليل الشعر في صفحتي خديه، غائر العينين، بارز الجبهة، جعد الشعر، إلا أنه قوي الإيمان، عظيم الإرادة، عالي الهمة، كان ذلك الرجل هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخليفة الذي بايعه المسلمون منذ أيام قليلة.

وقف أبو بكر الصديق رضي الله عنه لم يعتره اليأس ولم يستحوذ عليه القنوط، وإنما واجه هذه الأحداث الجسام كلها بإيمان راسخ وعزيمة ثابتة وتفاؤل عظيم، وهو الذي قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين جاء يعاتبه على قتال مانعي الزكاة: "رجوت نصرتك وجئتني بخذلانك،جبارًا في الجاهلية، خوارًا في الإسلام ؟!ماذا عسيت أن أتألفهم: بشعر مفتعل أم بسحر مفترى؟! هيهات هيهات !!"،
"والله لأقاتلنَّ من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها".

وهو الذي قال للدنيا قولته الخالدة:

"إنه قد انقطع الوحي وتم الدين، أينقص وأنا حي؟!"، "أينقص وأنا حي؟"

ثم أعلنها صريحة وبهمة عالية وبنفسية تحطم صخور اليأس:
{والله لأقاتلنهم ما استمسك السيف في يدي، ولو لم يبق في القرى غيري} .

هكذا كان حال الصديق -كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها وعن أبيها - وهو ممسك بزمام القيادة، واضح الرؤية قوي العزيمة:

"فَوَاللَّهِ مَا اخْتَلَفُوا فِي نُقْطَةٍ إِلَّا طَارَ أَبِي بِحَظِّهَا وَعَنَائِهَا وَفَضْلِهَا".

ولم يزل أبو بكر رضي الله عنه يخطط ويجاهد ويرسل البعوث ويسهر على مصالح الرعية حتى استطاع أن يعيد للمسلمين عزتهم ولليائسين تفاؤلهم وللإسلام دولته وللخلافة هيبتها، في صورة رائعة يرسمها لنا التابعي المخضرم أبو رجاء العطاردي رضي الله عنه، قال: دخلت المدينة فرأيت الناس مجتمعين، ورأيت رجلا يقبِّل رأس رجل وهو يقول: "أنا فداؤك، لولا أنت لهلكنا"، فقلت: "من المقبِّل ومن المقبَّل؟"، قالوا: "ذاك عمر يقبل رأس أبي بكر رضي الله عنهما في قتاله أهل الردة، إذ منعوا الزكاة حتى أتوا بها صاغرين".
وقد اجتمع للأمة في حاضرها ما لم يجتمع لها فيما مضى من التآمر والمكر من عامة الدول العظمى سواء أكانت شرقية أو غربية، وعمل على إفسادها من داخلها ،عن طريق سايكس بيكو والطابور الخامس وأصحاب الأجندات والسحره من الإعلاميين في قنوات العهر والنخاسه" فهي ردة وأبا بكر لها".

أَيَنقص الدين وأنا حي؟!

"إنه قد انقطع الوحي وتم الدين، أينقص وأنا حي؟" كلمات معدودات غدت من فم أبي بكر الصديق سنة لأصحاب الدعوات ومن انفطرت -وما زالت تنفطر- قلوبهم كلما ادلهمَّ الأمر بأمتهم وعصفت بها المحن واشتدت بها الخطوب وعظمت بها مكائد الظالمين والمجرمين والمستبدين من داخلها وخارجها.

أَيَنقص الدين وأنا حي؟!

حروف بسيطة ترسم منهجًا واضحًا لما يجب أن يكون عليه كل فرد من أفراد هذه الأمة؛ علو في الهمة، قوة في التوكل، ثبات على الحق.

أَيَنقص الدين وأنا حي؟!

فكانت من قبلُ شعارًا للإمام أحمد بن حنبل يوم محنة خلق القرآن، وقد وقف وحيدا كما وقف أبو بكر، حتى قال الحافظ علي بن المديني: "إِن الله عز وجل أعزَّ هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث؛ أَبو بكر الصديق يوم الردة، وأَحمد بن حنبل يوم المحنة".

وكانت شعارًا للناصر صلاح الدين الأيوبي يوم أن استنفر المسلمين في جهاد الصليبيين، حتى قال في نفسه يوما:

"في نفسي؛ أنه متى يسَّر الله تعالى فتح بقية الساحل (ساحل الشام) قسَّمتُ البلاد، وأوصيت وودَّعتُ، وركبت هذا البحر إلى جزائرهم أتتبَّعهم فيها حتى لا أبقي على وجه الأرض من يكفر بالله أو أموت".

ولما قاطعه قاضيه ابن شداد بقوله: "ما هذه إلا نية جميلة، ولكن المولى يُسيَّر في البحر العساكر، وهو سُور الإسلام ومنعته لا ينبغي له أن يخاطر بنفسه". فقال: "ما أشرف الميتتين؟" قال ابن شداد: "الموت في سبيل الله". فقال صلاح الدين: "غاية ما في الباب أن أموت أشرف الميتتين".

وكانت شعارًا للمظفر سيف الدين قطز:

يوم خذل الإسلام رؤساء الذل والعار وتخلو عن جهاد التتار ، فوقف قطز وحده، ونادى: "يا أمراء المسلمين، لكم زمان تأكلون أموال بيت المال، وأنتم للغزاة كارهون، وأنا متوجِّهٌ، فمن اختار الجهاد يصحبني، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته، وإن الله مطلع عليه، وخطيئة حريم المسلمين في رقاب المتأخرين.، أَنا ألْقى التتار بنفسي"، فلما كانت الملحمة في عين جالوت جعل نداءه: "وا إسلاماه"، "فكان أن رد الله كيد التتار في نحورهم وحفظ الإسلام بموقفه.

وكانت شعارًا لشيخ الإسلام ابن تيمية يوم أن حرض المسلمين على قتال التتار في موقعة شقحب، وجعل يحلف بالله الذي لا إله إلا هو إنكم منصورون عليهم، فيقول له الأمراء: قل إن شاء الله، فيقول: "إن شاء الله تحقيقًا لا تعليقًا".

أَيَنقص الدين وأنا حي؟!

إنها شعارٌ لا بد أن يحمله كل مسلم غيور على دينه وأمته، ليلحق بالركب ويكون من أهل الفضل، الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك".
اللهم ولي أمرنا لمن يقول بعلو صوته
"أيَنقص الدين وأنا حي"
اللهم هيأ لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه اهل طاعتك ويذل فيه اهل معصيتك

صواديف عشاق
09-11-2021, 04:32 AM
عواافي طيب نورك وماجلبته قيم الفائده

لك :1 (2):

ريحانة القلب
09-14-2021, 03:22 PM
:08_222: صواديف عشاق :08_222:

مروركِ هنا أضاء كل ركن في متصفحي
بنور وهو نور حضوركِ
حقكِ بالشكر والإمتنان لهكذا حضور
حضور راقي أبهج قلبي
شكراً لكِ :1 (2):

نزف القلم
09-15-2021, 01:10 PM
بارك الله فيك
على جميل طرحك واختيارك لنا الموضوع القيم
نسأل الله ان يجعله في ميزان حسناتك
نسأل الله ان يجعلك من عباده الصالحين
ونسأل الله ان يجعل الفردوس الاعلى هى دارك وقرارك
ونسأل الله ان يغفر لك ويجعلك من السعداء
الفائزين فى الدنيا والاخرة
نزف القلم

ريحانة القلب
09-15-2021, 05:40 PM
:1 (204): نزف القلم :1 (204):

اسعدني روعة جمال حضوركَ ومروركَ
شكرًا لك

برود اعصاب
10-17-2021, 04:19 PM
سلمت أناملك ع الطرح
وسلم ذوقكـ على حسن الانتـــــــقاااء
بـ إنتظآر جديدك وعذب أطرٌوحآتك
كل الوووود :200 (52):

ريحانة القلب
10-21-2021, 11:14 AM
:img_1489: برود أعصاب :img_1489:

تحية إجلال وتعظيم
لحضورك الراقي
نورت ..