المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عزة النفس والمتنبي


هلاك
12-30-2023, 12:59 PM
ذو العَقلِ يَشقَى في النّعيمِ بعَقْلِهِ * وَأخو الجَهالَةِ في الشّقاوَةِ يَنعَمُ

لا يَخْدَعَنّكَ مِنْ عَدُوٍّ دَمْعُهُ * وَارْحَمْ شَبابَكَ من عَدُوٍّ تَرْحَمُ

لا يَسلَمُ الشّرَفُ الرّفيعُ منَ الأذى حتى يُرَاقَ عَلى جَوَانِبِهِ الدّمُ

وَالظّلمُ من شِيَمِ النّفوسِ فإن تجدْ * ذا عِفّةٍ فَلِعِلّةٍ لا يَظْلِمُ

وَالذّلّ يُظْهِرُ في الذّليلِ مَوَدّة * وَأوَدُّ مِنْهُ لِمَنْ يَوَدّ الأرْقَمُ

كُلّمَا أنْبَتَ الزّمَانُ قَنَاةً * رَكّبَ المَرْءُ في القَنَاةِ سِنَانَا

وَمُرَادُ النّفُوسِ أصْغَرُ من أنْ * تَتَعَادَى فيهِ وَأنْ تَتَفَانَى

غَيرَ أنّ الفَتى يُلاقي المَنَايَا * كالِحَاتٍ وَلا يُلاقي الهَوَانَا

وَلَوَ أنّ الحَيَاةَ تَبْقَى لِحَيٍّ * لَعَدَدْنَا أضَلّنَا الشّجْعَانَا

وَإذا لم يَكُنْ مِنَ المَوْتِ بُدٌّ * فَمِنَ العَجْزِ أنْ تكُونَ جَبَانَا

كلّ ما لم يكُنْ من الصّعبِ في الأنـ * فُسِ سَهْلٌ فيها إذا هوَ كانَا

***

إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ * فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ

فطَعْمُ المَوْتِ في أمْرٍ حَقِيرٍ * كطَعْمِ المَوْتِ في أمْرٍ عَظيمِ

يرَى الجُبَناءُ أنّ العَجزَ عَقْلٌ * وتِلكَ خَديعَةُ الطّبعِ اللّئيمِ

وكلّ شَجاعَةٍ في المَرْءِ تُغني * ولا مِثلَ الشّجاعَةِ في الحَكيمِ

وكمْ من عائِبٍ قوْلا صَحيحا * وآفَتُهُ مِنَ الفَهْمِ السّقيمِ

ولكِنْ تأخُذُ الآذانُ مِنْهُ * على قَدَرِ القَرائحِ والعُلُومِ

عزة النفس والمتنبي ( 2 )


وَفي الجسْمِ نَفسٌ لا تَشيبُ بشَيْبِهِ * وَلَوْ أنّ مَا في الوَجْهِ منهُ حِرَابُ

لهَا ظُفُرٌ إنْ كَلّ ظُفْرٌ أُعِدُّهُ * وَنَابٌ إذا لم يَبْقَ في الفَمِ نَابُ

يُغَيِّرُ مني الدّهرُ ما شَاءَ غَيرَهَا * وَأبْلُغُ أقصَى العُمرِ وَهيَ كَعابُ

وَإنّي لنَجْمٌ تَهْتَدي صُحبَتي بِهِ * إذا حالَ مِنْ دونِ النّجومِ سَحَابُ

غَنيٌّ عَنِ الأوْطانِ لا يَستَخِفُّني * إلى بَلَدٍ سَافَرْتُ عنهُ إيَابُ

وَأصْدَى فلا أُبْدي إلى الماءِ حاجَة * وَللشّمسِ فوقَ اليَعمَلاتِ لُعابُ

***

أنَا الذي نَظَرَ الأعْمَى إلى أدَبي * وَأسْمَعَتْ كَلِماتي مَنْ بهِ صَمَمُ

أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَا * وَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ

وَمُرْهَفٍ سرْتُ بينَ الجَحْفَلَينِ بهِ * حتى ضرَبْتُ وَمَوْجُ المَوْتِ يَلْتَطِمُ

الخَيْلُ وَاللّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُني * وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَمُ

صَحِبْتُ في الفَلَواتِ الوَحشَ منفَرِدا * حتى تَعَجّبَ مني القُورُ وَالأكَمُ

ما أبعدَ العَيبَ والنّقصانَ منْ شرَفي * أنَا الثّرَيّا وَذانِ الشّيبُ وَالهَرَمُ

***

فُؤادٌ ما تُسَلّيهِ المُدامُ * وعُمْرٌ مثلُ ما تَهَبُ اللِّئامُ

ودَهْرٌ ناسُهُ ناسٌ صِغارٌ * وإنْ كانتْ لهمْ جُثَثٌ ضِخامُ

وما أنا مِنْهُمُ بالعَيشِ فيهم * ولكنْ مَعدِنُ الذّهَبِ الرَّغامُ

عزة النفس والمتنبي ( 3 )


أُطاعِنُ خَيْلاً مِنْ فَوارِسِها الدّهْرُ * وَحيدا وما قَوْلي كذا ومَعي الصّبرُ

وأشْجَعُ مني كلَّ يوْمٍ سَلامَتي * وما ثَبَتَتْ إلاّ وفي نَفْسِها أمْرُ

تَمَرّسْتُ بالآفاتِ حتى ترَكْتُهَا * تَقولُ أماتَ المَوْتُ أم ذُعِرَ الذُّعْرُ

وأقْدَمْتُ إقْدامَ الأتيّ كأنّ لي * سوَى مُهجَتي أو كان لي عندها وِتْرُ

ذَرِ النّفْسَ تأخذْ وُسعَها قبلَ بَينِها * فمُفْتَرِقٌ جارانِ دارُهُما العُمْرُ

ولا تَحْسَبَنّ المَجْدَ زِقّاً وقَيْنَة فما * المَجدُ إلاّ السّيفُ والفتكةُ البِكرُ

إذا الفضْلُ لم يَرْفَعكَ عن شكرِ ناقصٍ * على هِبَةٍ فالفَضْلُ فيمَن له الشّكْرُ

ومَنْ يُنفِقِ السّاعاتِ في جمعِ مالِهِ * مَخافَةَ فَقْرٍ فالذي فَعَلَ الفَقْرُ

***

وإنّي لَمِنْ قَوْمٍ كأنّ نُفُوسَهُمْ * بها أنَفٌ أن تسكنَ اللّحمَ والعَظمَا

كذا أنَا يا دُنْيا إذا شِئْتِ فاذْهَبي * ويا نَفسِ زيدي في كرائهِها قُدْمَا

فلا عَبَرَتْ بي ساعَةٌ لا تُعِزّني * ولا صَحِبَتْني مُهجَةٌ تقبلُ الظُّلْمَا

***

عِشْ عزيزا أوْ مُتْ وَأنتَ كَرِيمٌ * بَينَ طَعْنِ القَنَا وَخَفْقِ البُنُودِ

فَرُؤوسُ الرّمَاحِ أذْهَبُ للغَيْـ * ظِ وَأشفَى لِغلّ صَدرِ الحَقُودِ

لا كَما قد حَيِيتَ غَيرَ حَميدٍ * وإذا مُتَّ مُتَّ غَيْرَ فَقيدِ

فاطْلُبِ العِزّ في لَظَى وَدَعِ الذّ * لّ وَلَوْ كانَ في جِنانِ الخُلُودِ

يُقْتَلُ العاجِزُ الجَبَانُ وقَدْ يَعـ * ـجِزُ عَن قَطْع بُخْنُقِ المَولودِ

وَيُوَقَّى الفَتى المِخَشُّ وقَدْ خوّ * ضَ في ماءِ لَبّةِ الصّنْديدِ

لا بقَوْمي شَرُفْتُ بل شَرُفُوا بي * وَبنَفْسِي فَخَرْتُ لا بجُدودِي

وبهمْ فَخْرُ كلّ مَنْ نَطَقَ الضّا * دَ وَعَوْذُ الجاني وَغَوْثُ الطّريدِ

إنْ أكُنْ مُعجَباً فعُجبُ عَجيبٍ * لمْ يَجدْ فَوقَ نَفْسِهِ من مَزيدِ

أنَا تِرْبُ النّدَى وَرَبُّ القَوَافي * وَسِمَامُ العِدَى وغَيظُ الحَسودِ

أنَا في أُمّةٍ تَدارَكَهَا اللّـ * ـهُ غَريبٌ كصَالِحٍ في ثَمودِ

صواديف عشاق
12-30-2023, 01:12 PM
عواافي هلاك ع الابيات والااانتقاء
للك :w6w_ee8:

ريحانة القلب
01-01-2024, 12:17 PM
يعطيك العافية

أمير
01-06-2024, 12:29 AM
إبداع رائع
طرح يستحق المتابعة..
شكراً لك، بانتظار الجديد
القادم ،دمتم بكل خير

عاشق الغاليه
04-17-2024, 02:35 AM
موضوع جميل جداً
أبدعتم بأنتقآئكم لهُ يالغالين
شكرآ جزيلآ لكم يآ ورود ع حسن الانتقآء
ربي يعطيكم كُل العافيهَ
ومآ يحرمنـآ منـكم
متميزون
ومتألقون
ومُبدعون
دوماً وبكُل مآ تنتقون
سلمت يدآكم وبوركت
في انتظار القـآدم بـ شوق لآ ينتهـي
دمتم بألف خير
~..ـجورياتي

عاشق الغاليه