منتديات صواديف عشاق - عرض مشاركة واحدة - التغيير الإيجابي
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 12-08-2023
ريحانة القلب غير متواجد حالياً
Libya     Female
قـائـمـة الأوسـمـة
وسام شكر وتقدير لرمضان

شكر وتقدير من صاحبة الموقع

الوسام الفضي

ملوكـ القمه

 
 عضويتي » 7
 جيت فيذا » Jun 2021
 آخر حضور » منذ 9 ساعات (02:32 PM)
آبدآعاتي » 67,158
 حاليآ في » صواديف عشاق
دولتي الحبيبه »  Libya
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي ♡
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  » عزباء ♔
 التقييم » ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب
مشروبك   pepsi
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »  12

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 7,0 My Camera:

 مُتنفسي هنا تمبلري هنا

мч ммѕ ~
MMS ~
 
افتراضي التغيير الإيجابي






الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فإن العاقل يحرص على المبادرة لطاعة ربه ومولاه ما دامت له فرصة في الحياة، وإذا فتحت له أبواب الخير والطاعة لم يفرط فيها، وكل يوم هو فرصة عظيمة للتغيير إلى الأفضل لكل أحد سواء كان مقصرا في الخير وطاعة الله سالكا طرق الشر ومعصية الله، وذلك بعودته ورجوعه إلى ربه جل وعلا، ومن كان سيره في الخير بطيئا كذلك لديه فرصة للتغيير أن يسارع ويبادر ويزداد من التقرب إلى الله تبارك وتعالى، وعندما نتحدث عن التغيير نتذكر قول الله عز وجل: (إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ) (الرَّعد : 11)، فالله تبارك وتعالى لا يغير ما يكون بالإنسان من النعمة والإحسان ورغد العيش حتى يغير ما بنفسه بأن ينتقل من الإيمان وطاعة الله عز وجل إلى الكفر ومعصيته جل وعلا، وينتقل من شكر النعم إلى البطر بها والاغترار، فيسلبه الله عز وجل ذلك الخير الذي حصل له، وكذلك إذا غير الإنسان ما بنفسه من المعصية والظلم فانتقل إلى طاعة الله والإحسان غيّر الله حاله مما كان فيه من الشقاء إلى الخير والسرور والرحمة والتوفيق من الله عز وجل، والمؤمن والمؤمنة يضعون نصب أعينهم قول ربهم جل وعلا: (إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ ٥) (الفَاتِحَةِ : 5)، فهو المعين تبارك وتعالى على كل خير وطاعة وقربة، فهم يخصون ربهم وحده بالعبادة، ويستعينون به جل وعلا، فيعبدونه ولا يعبدون غيره، ويستعينون به ولا يستعينون بغيره، فيتقربون إليه جل وعلا بكل ما يحبه ويرضاه من قول وعمل ظاهر وباطن معتمدين عليه تبارك وتعالى في جلب ما ينفعهم ودفع ما يضرهم، مع ثقتهم به تبارك وتعالى، فيقومون بعبادته مستعينين به، فالعبادة لله تبارك وتعالى والاستعانة به عز وجل هو الوسيلة للسعادة الأبدية والنجاة من جميع الشرور، فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بعبادته والاستعانة به جل وعلا، والعبد محتاج في جميع عباداته إلى الاستعانة بربه تبارك وتعالى، فإنه إن لم يعنه الله لم يحصل له ما يريده من فعل أوامره واجتناب ما نهى عنه، فالتغيير الإيجابي مطلب لكل إنسان، ومجالات التغيير كثيرة متنوعة، ومن أهم هذه المجالات أن يحرص المسلم والمسلمة على تغيير أنفسهم بإصلاحها، وتقوى الله تبارك وتعالى، فتقوى الله عز وجل مقصود الطاعات والعبادات وروحها، كما قال تبارك وتعالى في الصيام: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٨٣) (البَقَرَةِ : 183)، فتقوى الله هي سبب السعادة والنجاة وسبب تفريج الكروب والعز والنصر في الدنيا والآخرة، فقد قال سبحانه: (وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا ٢ وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُ) (الطَّلَاق : 2 - 3) ، قال بعض السلف: هذه الآية أجمع آية في كتاب الله؛ لأن الله رتب عليها خير الدنيا والآخرة، فمن اتقى الله جعل له مخرجا من مضائق الدنيا ومضائق الآخرة، والإنسان في أشد الحاجة والضرورة إلى الأسباب التي تخلصه من المضائق في الدنيا والآخرة، فدواء مصائب الذنوب والجهل بتقوى الله تعالى بترك الأمور التي حرمها الله وحرمها رسوله صلى الله عليه وسلم، وبالتعلم والتفقه في الدين حتى يسلم من داء الجهل، وبالحذر من المعاصي والسيئات حتى يسلم من عواقبها في الدنيا والآخرة، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»([1])، فأوصانا عليه الصلاة والسلام وأمرنا بتقوى الله حيثما كنا، نستشعر مراقبة الله عز وجل ونجتهد في تحقيق هذه التقوى له عز وجل، وإذا وقع الإنسان في معصية وسيئة فليتبعها بالحسنة كما قال صلى الله عليه وسلم: « وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، » تذهب هذه الآثار السيئة بالإقبال على الله عز وجل « وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» أي: عاملهم بالأخلاق الطيبة الحسنة وقدم معهم الخير والإحسان حتى تنال الأجر من الله عز وجل، ومن مجالات التغيير الإيجابي المهمة المحافظة على الصلاة، فهي خطوة مهمة عظيمة نحو التغيير لمن كان مفرطا في صلاته بأن كان لا يصليها أو يؤخرها عن وقتها، فينتبه لخطورة هذا الأمر، فأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإذا صلحت صلح سائر عمله، وإذا فسدت فسد سائر عمله، فيحرص المسلم والمسلمة على أداء الصلوات المفروضة كما قال سبحانه: (وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ) (البَقَرَةِ : 43) وقال عليه الصلاة والسلام: «الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّراتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ»([2])، فيبدأ مجتهدا في إقامة الصلوات المفروضة، وأدائها في أوقاتها، يجتهد بعد ذلك في النوافل والسنن الرواتب، ففي الحديث القدسي قال الله تعالى: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدي بشَيءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حَتَّى أحِبَّهُ» ([3])، فالتقرب إلى الله عز وجل بالفرائض ثم الاجتهاد بالمزيد من النوافل طريق محبة الله عز وجل لعبده، والرجل يحرص على أداء الصلاة المفروضة مع جماعة المسلمين في المساجد لينال الأجور العظيمة من الله تبارك وتعالى.

ومن مجالات التغيير الإيجابي المهمة: الاجتهاد في تلاوة القرآن وتدبره، بأن يغير الإنسان حاله إذا كان ممن قصر في العناية بتلاوة القرآن، أو كان ممن هجر تلاوة القرآن وتدبره والعمل بما فيه، والحرص على حفظ شيء منه يحدد لنفسه مقدارا ووردا معينا، يحافظ عليه في كل يوم قال تعالى: (إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ يَرۡجُونَ تِجَٰرَةٗ لَّن تَبُورَ ٢٩ لِيُوَفِّيَهُمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ غَفُورٞ شَكُورٞ ٣٠) (فَاطِر : 29 - 30)، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا، لاَ أقول: ألم حَرفٌ، وَلكِنْ: ألِفٌ حَرْفٌ، وَلاَمٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ»([4]) ، فالأجور عظيمة في تلاوة القرآن وتدبره، فينبغي لأهل الإيمان من الرجال والنساء أن يشتغلوا بالإقبال على تلاوة القرآن، على تلاوة كلام ربهم تبارك وتعالى، واجتهدوا في العمل بما فيه مستفيدين من كلام أهل العلم في تفسير القرآن.

ومن التغيير الإيجابي الذي يحرص عليه الإنسان: أن يحرص على تقديم العفو والمسامحة وترك الظلم، وترك الحرص على الانتقام، فمن حصل بينه وبين أحد من خصومة ينبغي له أن يقدم العفو والصفح، قال تعالى: (فَٱعۡفُواْ وَٱصۡفَحُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦٓۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ١٠٩) (البَقَرَةِ : 109)، فالمسلم حسن الخلق يتحلى بالعفو والمسامحة، يحسن إلى أهله وقرابته والناس، ويحرص على إزالة أسباب الشحناء والقطيعة والبغضاء بينه وبينهم، سواء بينه وبين والديه وهو مأمور ببرهما والإحسان إليهما، وبينه وبين عموم أهله وأقاربه وأرحامه وجيرانه، فيقدم العفو والمسامحة والتغافل، لتبقى المودة والألفة وتزول الوحشة والقطيعة بينهم وبينه، ويتذكر في ذلك أن العفو عن الناس من أسباب عفو الله عنه وأن يكون أجره على ربه الكريم، كما قال تعالى: (فَمَنۡ عَفَا وَأَصۡلَحَ فَأَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِ) (الشُّورَى : 40)، ويحذر في ذلك من مفتاح الشر وهو الغضب، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تَغْضَبْ»([5]) .

ومن مجالات التغيير الإيجابي: أن يغير الإنسان كلماته، إن كانت سيئة فيستعمل الكلمات ويحرص على الصدق ويترك الكذب، فالكلمة الطيبة صدقة وحفظ اللسان طريق لدخول الجنة والنجاة من النار، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ الله تَعَالَى مَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلَمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ تَعَالَى لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا في جَهَنَّمَ» ([6]) ، فمن التغيير الإيجابي لمن اعتاد الكذب أن يترك هذه العادة السيئة ويتحلى بالصدق، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: «أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا؟ فَقَالَ: لاَ» ([7])، وقال عليه الصلاة والسلام: «وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا» ([8]) .

ومن الوجوه المهمة والمجالات التي يحرص عليها الإنسان ليغير حاله بها: أن يغير غفلته عن ذكر الله إلى الإقبال على ذكر الله ودعائه جل وعلا، بأن يكثر من الذكر آناء الليل وأطراف النهار، قال تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا ٤١ وَسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا ٤٢) (الأَحزَاب : 41-42)، وقد أوصى صلى الله عليه وسلم بالإكثار من الذكر فقال عليه الصلاة والسلام: «لا يَزالُ لِسَانُكَ رَطبًا مِنْ ذِكْرِ الله»([9]) ، فيغير الإنسان حاله بالإكثار من الأذكار النبوية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم المتنوعة من أذكار الصباح والمساء وأذكار الاستيقاظ من النوم وغيرها من الأذكار، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ»([10])، ومن ذكر الله عز وجل الاجتهاد في دعائه، فالدعاء عظيمة يتقرب بها المسلم والمسلمة إلى الله عز وجل، قال سبحانه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ ١٨٦) (البَقَرَةِ : 186)، فدعاء الله عز وجل مع حضور القلب، وكون الدعاء مشروعا بالخير مع عدم وجود مانع من إجابة الدعاء مثل أكل الحرام، هذا الدعاء هو الدعاء الذي وعد الله عز وجل بإجابته، فينبغي الحرص على هذه العبادة العظيمة وهي دعاء الله جل وعلا باغتنام أوقات الإجابة والإقبال على الله بالدعاء والسؤال والإلحاح مع الرغبة والرهبة، مع العناية بشروط الدعاء وآدابه رجاء أن يكون المسلم والمسلمة من الفائزين بثواب الله الناجين من عقابه.

ومن أهم مجالات التغيير: أن يغير الإنسان حاله بالتوبة إلى ربه جل وعلا، وتجديد التوبة في كل وقت وحين، فمن كان غارقا في بحور الذنوب والمعاصي فليسارع بالتوبة والرجوع إلى الله والإنابة إليه، فهو سبحانه غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب سبحانه وتعالى، وقد قال الله وجل: (۞ قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ٥٣) (الزُّمَر : 53)، فهو سبحانه يغفر الذنوب جميعا لمن تاب إليه وأناب، فلا ييأس العبد من رحمة الله عز وجل ويلقي بنفسه إلى التهلكة، فيقول بينه وبين نفسه قد كثرت ذنوبي وتراكمت عيوبي، فليس لها طريق يزيلها فيصر على العصيان، ويزداد من أسباب غضب الرحمن، فلينتبه لهذا الخطر العظيم وليقبل على ربه الكريم، وليعلم أنه غفور رحيم، فيجتهد في التوبة إلى الله عز وجل من جميع الذنوب كبيرها وصغيرها، من ظلم نفسه ومن ظلم الناس، فإن الله عز وجل هو الغفور الرحيم جل وعلا، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وتِسْعينَ نَفْسًا، فَسَأَلَ عَنْ أعْلَمِ أَهْلِ الأرضِ، فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ، فَأَتَاهُ. فقال: إنَّهُ قَتَلَ تِسعَةً وتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوبَةٍ؟ فقالَ: لا، فَقَتَلهُ فَكَمَّلَ بهِ مئَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرضِ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ، فقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فقالَ: نَعَمْ، ومَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إِلى أرضِ كَذَا وكَذَا فإِنَّ بِهَا أُناسًا يَعْبُدُونَ الله تَعَالَى فاعْبُدِ الله مَعَهُمْ، ولاَ تَرْجِعْ إِلى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أرضُ سُوءٍ، فانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ، فاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ ومَلائِكَةُ العَذَابِ، فَقَالتْ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبًا، مُقْبِلًا بِقَلبِهِ إِلى اللهِ تَعَالَى، وقالتْ مَلائِكَةُ العَذَابِ: إنَّهُ لمْ يَعْمَلْ خَيرًا قَطُّ، فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ في صورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ - أيْ حَكَمًا - فقالَ: قِيسُوا ما بينَ الأرضَينِ فَإلَى أيّتهما كَانَ أدنَى فَهُوَ لَهُ. فَقَاسُوا فَوَجَدُوهُ أدْنى إِلى الأرْضِ التي أرَادَ، فَقَبَضَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحمةِ»([11]) ، فليقبل الإنسان إلى ربه بالإنابة بالتوبة النصوح والدعاء والتضرع، فهذه من أعظم أسباب مغفرة الله عز وجل ورحمته بعبده.

ومن الأمور المهمة التي ينبغي الحرص على التغيير فيها: بأن يذكر الإنسان نفسه بمجاهدة النفس ومجاهدة هواه، قال تعالى: (وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ٦٩) (العَنكَبُوت : 69)، وقال عز وجل: (وَأَمَّا مَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفۡسَ عَنِ ٱلۡهَوَىٰ ٤٠ فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ ٤١) (النَّازِعَات : 40 - 41)، فلابد أن يحرص الإنسان على مجاهدة نفسه، فيحذر من متابعة هواها والميل إلى ما تريد من الشهوات المحرمة والمعاصي، فكل المحارم وكل الذنوب والمعاصي يجب الحذر منها، سواء كان هذا الأمر متعلقا بالرجال أو النساء، وإذا وقع الإنسان في شيء من هذه الذنوب والمحرمات فليبادر إلى التوبة وإصلاح حاله.

ومن وجوه التغيير الإيجابي: أن يغير الإنسان حاله في تعامله مع المال، بأن يبذل المال وينفقه في وجوه الخير والإحسان من المجالات الواجبة عليه أو المستحبة، قال الله عز وجل: (ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ فَلَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ٢٧٤) (البَقَرَةِ : 274)، فأثنى الله عز وجل عليهم بإنفاقهم الأموال في وجوه الخير المتنوعة، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ إلاَّ مَلَكانِ يَنْزلاَنِ، فَيقُولُ أحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تلَفًا»([12])، فيحرص الإنسان ويحرص كل مسلم ومسلمة على الإنفاق في وجوه الخير، وذلك بأداء الفرائض مثل فريضة الزكاة والنفقات الواجبة عليه سواء كانت على والديه أو زوجته أو أبناءه، ثم يجتهد بعد ذلك إن فضل عنده شيء بالصدقة وأنواع الخير والإحسان.

ومن مجالات الخير العظيمة التي لها أثر في تغيير حال الإنسان تغيرا ايجابيا: أن يغير حاله بتعلم العلم النافع فيترك الجهل وخاصة في أمور الدين وأمور عباداته التي يحتاجها كل مسلم ومسلمة، فقد قال الله عز وجل: (وَقُل رَّبِّ زِدۡنِي عِلۡمٗا ١١٤) (طه : 114)، وقال سبحانه: (يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖ) (المُجَادلَة : 11)، وقال عز وجل : (إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْ) (فَاطِر : 28)، فأثنى الله عز وجل على من يسلك هذا الطريق بهذه الأمور العظيمة، وأرشد إلى دعائه وطلب العلم، وعن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»([13]) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ»([14])، فينبغي أن يحرص الإنسان على التفقه في الدين بأن يتعلم ما يحتاجه من الأمور الواجبة على كل مكلف، ويتعلم أحكام دينه، يتعلم أحكام عبادته الطهارة الصلاة أداء الزكاة أداء الفرائض وأركان الإسلام والأمور الواجبة حتى يعبد الله عز وجل على بصيرة وعلم، وحتى يمتنع عما نهى الله عنه على بصيرة وعلم، فطلب العلم والتفقه في الدين هو مفتاح التغيير الإيجابي في حال الإنسان بإقباله على طاعة ربه ومولاه، ونبينا عليه الصلاة والسلام أوصانا باغتنام الأوقات والحياة في طاعة الله، فقال عليه الصلاة والسلام: « اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ » ([15])، وحذرنا عليه الصلاة والسلام من الاغترار بالدنيا وطول الأمل، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي، فَقَالَ: كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ، فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ»([16]) ، فالإنسان الحازم في أمره هو الذي ينتهج الفرص ويستغلها ويأخذ بالجد في الإقبال على ما ينفعه في أمر دينه ودنياه، فالوصية قبل الختام بالمبادرة إلى طاعة الله عز وجل والتوبة من الذنوب والمعاصي مع الاجتهاد في التقرب إلى الله عز وجل، وليعلم الإنسان أنه في رحلة التغيير الإيجابي أن هذه الرحلة وأن هذا التغيير الإيجابي هو في كل يوم وفي كل وقت وفي كل حين، فكلما وجد أمرا يحتاج إلى التغيير فليحرص عليه، وليكثر من الدعاء لله عز وجل أن يصلح له أمر الدنيا والآخرة.

هذا والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين





الموضوع الأصلي: التغيير الإيجابي || الكاتب: ريحانة القلب || المصدر: منتديات صواديف عشاق

كلمات البحث

العاب ، برامج ، سيارات ، هاكات ، استايلات





hgjyddv hgYd[hfd





رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ ريحانة القلب على المشاركة المفيدة:
 (12-09-2023)

اخر 5 مواضيع التي كتبها ريحانة القلب
المواضيع المنتدى اخر مشاركة عدد الردود عدد المشاهدات تاريخ اخر مشاركة
قيمة الفاصلة •₪•♔قسم التربيه والتعليم العام♔•₪• 0 13 04-27-2024 02:02 PM
إبداعات بقلم الرصاص •₪•♔ الصور المنوعة ,غرائب وعجائب ♣ ♔•₪• 0 11 04-27-2024 01:28 PM
تناسق يفوق الوصف •₪•♔ الاثاث والديكور ♣ ♔•₪• 0 6 04-27-2024 12:39 PM
ديكورات رهيبة •₪•♔ الاثاث والديكور ♣ ♔•₪• 0 6 04-27-2024 12:30 PM
ديكور مرايا حلو ومميّز •₪•♔ الاثاث والديكور ♣ ♔•₪• 0 8 04-27-2024 12:24 PM