منتديات صواديف عشاق - عرض مشاركة واحدة - النّاسكُ المُتَعَبِّدِ
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 10-17-2023
ريحانة القلب غير متواجد حالياً
Libya     Female
قـائـمـة الأوسـمـة
وسام شكر وتقدير لرمضان

شكر وتقدير من صاحبة الموقع

الوسام الفضي

ملوكـ القمه

 
 عضويتي » 7
 جيت فيذا » Jun 2021
 آخر حضور » منذ 11 ساعات (08:50 AM)
آبدآعاتي » 67,158
 حاليآ في » صواديف عشاق
دولتي الحبيبه »  Libya
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي ♡
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  » عزباء ♔
 التقييم » ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب ريحانة القلب
مشروبك   pepsi
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »  12

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 7,0 My Camera:

 مُتنفسي هنا تمبلري هنا

мч ммѕ ~
MMS ~
 
افتراضي النّاسكُ المُتَعَبِّدِ



"قُلْ لِلمَليحَةِ في الخِمارِ الأَسْوَدِ"
تَعرَّفْ على قصّة النّاسكِ المُتعبّدِ صاحبُ أوَّلِ إشهارٍ في التّاريخِ...
من مِنّا لم يَعش مع تلكَ الأبياتِ ويُردّدها في عَلنهِ وسِرّهِ وتفتنهُ أيّما فتنتةً؟!
لا شكّ وأنّ أغلبنا قد سمعنا كبار المطربين كصباح فخري يُردّدون أو يغنُّون هذا الأبيات الشهيرة ، لكنّ فئةً كبيرةً من النّاس ربما لم تسمع بقصّةِ هذا البيت وتاريخها، فدعُوني أقصّها لكم .

فمنْ هو هذا النّاسكُ المُتَعَبِّدِ ؟
هو ربيعة بن عامر الدّارمي، فهو من بني دارم حاضنة الشّعرِ والشُّعراءِ كالفرزدق، وغَلَبَ عليه لقبُ "مسكين الدّارمي"، فسُمِّيَ مسكيناً لقوله:

أنا مِسكينٌ لِمَنْ أنكَرَني ولِمَنْ يعرفُني جدّ نطقْ
لا أبيعُ النّاس عِرْضي إنّني لو أبيعُ العِرْضَ مِنّي لَنَفْقْ

وهو شاعرٌ شريفُ الأصل والنّسب عاشَ في فترة الخلافة الأموية في الكوفة ، وكان شاعراً معروفاً وسط كبار شعراء عصره ، حتّى أنّ الفرزدق كان يخشى مواجهته ، كما كان من المُقرّبين إلى الخليفةِ، الشّيء الّذي فتحَ عليهِ أبوابَ الأُعطية والعيشِ الرَّغيد، وانعكف في أواخر حياته إلى العبادة والصَّلاة والزُّهد، حتّى وقع له هذا الحادث الطّريف، وهو أحداث قصّتنا هذهِ .

قَدِمَ أحدُ التُّجّارِ البغداديّين إلى المدينة المنوّرة وبيدهِ سلّةٌ من الخُمر السُّود ، فلم يجد لها طالباً ولا شارياً، (وقيل بأنّهُ أحضرَ خُمُراً متنوّعة الألوانِ، فباع تلكَ الملوّنةِ منها، وبقيتْ السُّودُ لديهِ بلا مُشترٍ)، وظلّ طوال نهاره يجتهدُ بكلِّ حيلةٍ لبيع سلعته فَلَمْ يبعْ شيئاً، فجلسَ مُغتمّاً مَهموماً وضاقَ صدرهُ بذلكَ ضِيقاً شَديداً.
فأشارَ إليهِ أحَدُهُم وقال : إذا أردتَ أن تبيعَ خُمُرَكَ فاقصد مسكين الدّارمي فهو خلاصُكَ .
وقد كان معروفاً عن الشّاعر مسكين الدّارمي سرعةُ الجوابِ وحُضور البديهةِ بينَ أقرانهِ، وكانَ مشهوراً بظرافتهِ وغزلهِ، وإلى جانبِ ذلكَ كان حريصاً على المال.
نعودُ لقصّتنا، حيثُ قصدَ التّاجرُ مسكينَ الدّارمي، فوجدهُ قد تزهّدَ وانقطعَ في المسجدِ، فأتاه وقصَّ عليهِ قصّتهُ مع الخُمُرِ السُّودِ ، لكنّ مسكيناً الدّارمي امتنع عن مساعدتهِ بحُجّةِ أنّهُ انقطعَ عن هذه الأمور الدُّنيويّةِ وزَهِدَ عنها.
فقال له التَّاجرُ ( والحزنُ قد أذابَ قلبهُ ) : أنا رجلٌ غريبٌ، وليس لي بضاعةً سِوى هذا الحِمْلِ...
ورجاهُ وتوسّلَ إليهِ حتّى أقنعهُ ، فخرجَ مسكينٌ من المسجدِ ونَظَم هذه الأبيات وأذاعها بين الناس ، وهي :

قُلْ للمَليحَةِ في الخِمارِ الأَسْوَدِ
ماذا فَعَلتِ بِزاهِدٍ مُتَعبِّدِ
قَد كان شَمَّرَ للصلاةِ إزارَهُ
حَتَّى قَعَدْتِ لَه بِبابِ المَسجدِ
فَسَلَبْتِ منهُ دِينَهُ ويَقينَهُ
وتَرَكْتِهِ في حِيرةٍ لا يَهْتَدي
رُدِّي عَلَيهِ صَلاتَهُ وصِيامَهُ
لا تَقتُليهِ بِحَقِّ دِينِ مُحَمَّدِ

وقالَ أيضاً:
بَلِّغُوها إذا أتيتُمْ حِماها
أَنِّني مِتُّ في الغَرامِ فِداها
واذكُروني لها بِكُلٍّ جَميلٍ
عساها أن تَحِنَّ عليّا عَساها
واصْحَبُوها لِتُربَتي فإنَّ عِظامي
تَشتاقُ أنْ تَدوسها قَدماها

فكانتْ هذه الأبيات أوّلَ إعلانٍ وإشهارٍ في التّاريخ ، وفعلاً قام التّاجرُ وأنشدها في السُّوقِ وذاعَ خبرها بين النّاسِ، فشاعَ بينَ النّاسِ خبرَ أنّ مسكيناً الدّارمي عادَ إلى مُجونهِ وعَشقَ فتاةً ذاتَ خمارٍ أسودٍ، فانكبت النساء والفتياتُ يشترين الخُمر السود، وكلُّ واحدةٍ منهنَّ تُريدُ أن تكونَ هي تلكَ المليحة....

وباعها التّاجرُ كُلّها وبأضعاف ثمنها، وعاد إلى دياره غانماً مبتهجاً، وأمّا مسكينٌ الدّارمي عاد بِدَوْرهِ إلى تَعبُّدهِ ونُسكهِ.

وقد عارضَ بعضُ الشُّعراءِ هذهِ الأبياتَ وردُّوا عَليها ، مِثل :
التَّنوخي وصاحبةُ الخِمارِ المُذَهَّبِ :
قُلْ للمليحةِ في الخمارِ المُذَهَّبِ
أفسدتِ نُسُكَ أَخي التَّقيِّ المُتَرَهِّبِ
نُورُ الخِمارِ ونُورُ خَدِّكِ تَحْتَهُ
عَجَباً لِوَجْهِكِ كَيْفَ لَمْ يَتَلَهَّبِ
وَجَمَعْتِ بَينَ المَذْهبينِ فَلَمْ يَكُنْ
لِلحُسْنِ عَنْ نَهجَيْهِما منْ مَذهبِ

وكذلكَ الحامدي وصاحبةُ الخِمارِ المُشمُشيِّ :
قُلْ للمليحةِ في الخِمارِ المُشمُشيِّ
كَمْ ذا الدّلالُ عَدِمتُ كُلَّ مُحَرّشِ
يا منْ غَذّا قَلبي كَنرجسٍ طَرَفها
في الحُبِّ لا صاحٍ ولا هُو مُنتَشي
هذا الرَّبيعُ بِصَحْنِ خَدِّكَ قدْ بدا
لِمُقَبِّلٍ ومُعَضّضٍ ومُخَمِّشِ

حتّى بعدما صرنا نعلم القصة الحقيقية وراء نظمِ تلكَ الأبيات؛ نظلُّ مُحَدِّقينَ في أجوائها، مفتونين بجمالها.

تُرى من تكونُ تلكَ المليحةُ الّتي فتَنتَ ذلكَ الزّاهدِ النّاسكِ المَتَعَبِّدِ، وجعلتهُ يهجرُ وحدَتَهُ ويتنصّلُ من زُهدِهِ، ويخلَعَ عن نفسهِ ثوب الرُهبانِ ؟!
رغمَ علمنا بخبرِ تلك الأبيات ومُناسبةِ نظمها؛ إلّا أنّنا وحتى يومنا هذا مازلنا مفتونينَ بتلكَ القصّةِ ، ولم تُفارق قلوبنا صورةَ تلكَ الحسناءِ المليحةِ.
فماذا لو كانت تلكَ الفاتنةُ قد وُجِدَتْ في الحقيقةِ، وكانت أيضاً على نَفْسِ القَدْرِ من الشّاعرية والبلاغة الشّعريّة، فماذا كانَ سيكونُ ردُّها على شاعِرنا هذا ؟!

هل كانت ستقولُ :
قُل للنّاسكِ الزّاهدِ المُتَعَبّدِ
منْ بَعدِ زُهدِكَ ما لي غيرَ الأسْوَدِِ
ما إنْ رأيتكَ للصّلاةِ مُشَمِّراً
حتّى هَرَعْتُ صَوْبَ المَسجدِ
ما جِئتُ أرجو فِتنَتكَ
لكنْ جِواراً في رِحابِ المَسجِدِ

قد نكونُ نسينا مناسبة نَظْمِ الأبياتِ تلكَ، ولكنّها (الأبياتُ) تبقى محفورةً في قلوبنا، وستبقى تفتِنُنا موسيقاها البديعةُ، ونتخيّلُ أنفُسَنا أبطالَ تلكَ القصّةِ ونحنُ ناظموا ذلك الشّعر السّاحرِ نُردِّدُهُ لمليحةٍ سَلَبَتْ عُقولنا وسَحَرَتْ قلوبَنا...

د.حسن زهير دقامسه



كلمات البحث

العاب ، برامج ، سيارات ، هاكات ، استايلات





hgk~hs;E hglEjQuQf~A]A




 توقيع : ريحانة القلب











رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ ريحانة القلب على المشاركة المفيدة:
 (10-29-2023)

اخر 5 مواضيع التي كتبها ريحانة القلب
المواضيع المنتدى اخر مشاركة عدد الردود عدد المشاهدات تاريخ اخر مشاركة
قيمة الفاصلة •₪•♔قسم التربيه والتعليم العام♔•₪• 1 15 04-27-2024 02:02 PM
إبداعات بقلم الرصاص •₪•♔ الصور المنوعة ,غرائب وعجائب ♣ ♔•₪• 1 14 04-27-2024 01:28 PM
تناسق يفوق الوصف •₪•♔ الاثاث والديكور ♣ ♔•₪• 1 8 04-27-2024 12:39 PM
ديكورات رهيبة •₪•♔ الاثاث والديكور ♣ ♔•₪• 1 8 04-27-2024 12:30 PM
ديكور مرايا حلو ومميّز •₪•♔ الاثاث والديكور ♣ ♔•₪• 1 9 04-27-2024 12:24 PM