منها : وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبيّن الله، لا يوازنها ولا يقارنها لذة أصلًا. ولو اجتمعت له لذّاتُ الدنيا بأسرها لم تفِ بتلك الوحشة. وهذا أمر لا يحسّ به إلا من في قلبه حياة. و"ما لجرحٍ بميّتٍ إيلامُ" .
فلو لم يترك الذنوب إلا حذرًا من وقوع تلك الوحشة، لكان العاقل حريَّا بتركها.
وشكا رجل إلى بعض العارفين وحشةً يجدها في نفسه فقال له: إذا كنتَ قد أوحشتك الذنوبُ ... فدَعْها إذا شئتَ واستأنسِ
-
قال العلماء: وإنما لا ينفع نفساً إيمانها عند طلوعها من مغربها لأنه خلص إلى قلوبهم من الفزع ما تخمد معه كل شهوة من شهوات النفس، وتفتر كل قوة من قوى البدن، فيصير الناس كلهم لإيقانهم بدنو القيامة في حال من حضره الموت في انقطاع الدواعي إلى أنواع المعاصي عنهم وبطلانها من أبدانهم، فمن تاب في مثل هذه الحال لم تقبل توبته كما لا تقبل توبة من حضره الموت.
ليس هناك أكثر ثُقلاً وخيبة من حُسن ظنّ لم يكن بمحلّه ومن خطوات لم تُقَدَّر ومن نظرة مُشعّة لا تشبه الواقع المُنطفئ ومن زرع بلا ثمر ومن تعب بلا حصاد ومن شغف يُسلَب بريقه ومن عطاء لا يُجازَى صاحبه بالإحسان ومن أن تتحوّل الحقول الخضراء المُزهرة إلى أراضٍ مجدبة
لن تحيا في الدُّنيا الفانية إلَّا مرَّةً واحدةً؛ وهي ميدان ربحك أو خسارتك في الآخرة الباقية؛
فاختر لنفسك ما تشاء: إمَّا الجنَّة دار النَّعيم، وإمَّا النَّار دار العذاب الأليم.
قلوبُهـم عن الخيرات لاهـيـــــــة و أجسادهـم إليهـا ساعيـــــــة و الفاحشة في فِجافجهـم فاشية و إذا سمعوا الحق كانت قلوبهـم عن سماعهِ قاسِّيـــــــة و إذا حضروا الباطل و شهـِدوا الزور انفتحت أبصارُ قلوبهـم و كانت آذانهـم واعيــــــة فهـذه والله أمـــــــــــــارات النفـــــــــــــاق احذرهـا أيهـا الرجل قبل أن تنزل بِكَ القاضيـــــــــــــة