من قلب البساطة يأتي الجَمال

والله إنك رُوح هالروح وقطعة منها

على قمّةٍ من جبال الشمال كَسَاها الصَّنَوْبَرْ
وغلّفها أفُقٌ مُخْمليٌّ وجوٌّ مُعَنْبَر ْ
وترسو الفراشاتُ عند ذُرَاها لتقضي المَسَاءْ
وعند ينابيعها تستحمّ نجومُ السَّمَاءْ
هنالكَ كان يعيشُ غلامٌ بعيدُ الخيالْ
إذا جاعَ يأكلُ ضوءَ النجومِ ولونَ الجبالْ
ويشربُ عطْرَ الصنوبرِ والياسمين الخَضِلْ
ويملأ أفكارَهُ من شَذَى الزنبقِ المُنْفعلْ

احلموا بالطيور في ظلل الأغصان بين التحليق والتغريد
اعشقوا الثلج في سفوح جبال الأرض والورد في سفوح التلال
وأصيخوا لصوت قمرّية الحقل تغني في داجيات الليالي
اجلسوا في ظلال صفصافة الوادي وأصغوا إلى خرير الماء
واستمدّوا من نغمة المطر الساقط أحلى الإلهام والإيحاء
وتغّنوا مع الرعاة إذا مرّوا على الكوخ بالقطيع الجميل
وأحبوا النخيل والقمح والزهر وهيموا في فاتنات الحقول
شجرات الصفصاف أجمل ظلاّمن ظلال القصور والشرفات
وغناء الرعاة أطهر لحنامن ضجيج الأبواق والعجلات
وعبير النارنج أحلى وأندىمن غبار المدينة المتراكم

الشعر عندي هو النافذة التي أطل منها على الحياة …
وأشرف منها على الأبد …
وما وراء الأبد …
هو الهواء الذي أتنفسه …
وهو البلسم الذي داويت به جراح نفسي عندما عز الأساة.

حين أفتح النافذة أشياء كثيرة تزورني..
صوت السيارات المتزاحمة توصل الطلاب،
العصفور النشيط الذي يصر على إيقاظي طامعاً بالحبوب التي أنثرها له، صوت خطوات الجارة التي تتحرك لصنع قهوتها على أنغام الموسيقى..
أشياء كثيرة تزورني
المطر..
أوراق الخريف
وأحياناً بتلات الربيع!
تزورني الشمس فأستضيفها في غرفتي، ويستأذن القمر فأفسح له ليبسط سناه في المكان..
تزورني أفكار قصص قادمة، وأحلامٌ أودّ تحقيقها، وأمنيات بسياحة حول الكرة الأرضية كلها.
أترى ماذا يحصل بمجرد أن أفتح النافذة؟
هذا كله بجماله لا يعادل روعة أن ترمي لي النافذة بظلك إلى الداخل..

أنا أعتَرِفْ
أنِّي انكَسَرْتُ أمامَ عَينيك الجَميلة
ثُمَّ عاوَدَني الرجوعْ
لَم أستَطِعْ أبدًا مُقاومةً فعُدتُ
رَغمَ الشعورِ بأنَّني مَخدوعْ
عُمري بِدونِك لَم يَكُنْ شيئًا سِوَى
وَهْمٍ
سَرَابٍ
حِيرَةٍ كُبرَى
دُمُوعْ

كوني على ثقةٍ بأني واثقٌ
من أن هذا الحبَّ يومًا
سوفَ يَقتلُنا معَا
جربتُ تهدئةَ النفوسِ لمرةٍ
لكنهُ للآنَ يرفضُ أن يَميلَ لتهدئةْ
ويثورُ لَيثًا جائعَا
الحبُّ يبدو لي بشكلٍ مختلفْ
عن سابقِ العهدِ الذي كنا بهِ
والفرقُ يَبدو في المواجعِ شاسعَا

أنا في انتظارك
رغمَ أنِّي مُدرِكٌ
أنَّ التناسي ليسَ سهوًا
إنَّما أنت الذي نَسِيتْ إذنْ ..
متَعمدا

دعني أيها القمر أحمل بقايا عمري، إني كلما قطعت مرحلة في سبيل الحياة وضعت عندها أحمالي وعدت أدراجي لأجمع ما يكون قد تناثر مني، فأقطع كل مرحلة ثلاث مرات؛ أما إحداها فأكون فيها كالشيخ الفاني يَدلُف مثقلا بأيامه، وأما الثانية فأمضي فيها خفيفا لا أحمل إلا النوم في أجفاني، وأما الأخرى فأعود منها بأثارة من الأحلام تخفُّ على نفسي لولا ما يخالطها من ثقل الفكر في قطع مرحلة النهار الجديد.