الأقنعة الطيبة هي صديقنا المرافق لوجوهنا ، الساتر لأحزاننا..
فنحن لانرتديها فقط كي نخفي آثار السهر ، ولاخطوط الزمن ، ولابقايا البكاء ، ولابشاعة الحزن..
نرتديها كي نبتسم فى وجوه تحتاج إبتسامتنا ، في وقت نحتاج فيه نحن للبكاء وبشدة..
نرتديها كي نعاود التسلل لعالمهم بوجه آخر وإسم آخر وهوية أخرى ، في وقت ندرك فيه مدى حاجتهم لوجودنا ، بعد أن طعنوا الوجه الأول والإسم الأول والهوية الأولى..
نرتديها كي نكون أول من ُيلبيهم عند الحاجة ، وأول من يسترهم عند العُري ، وأول من يدثرهم عند البرد..
نرتديها كي نكون الأقرب لهم وقت تخبطهم ، والأصدق معهم وقت حيرتهم ، والأخلص لهم وقت محنتهم ..
نرتديها كي ننزع بها خناجر الغدر من ظهور عزيزة علينا ، في وقت تتمرجح فيه خناجر خذلانهم في ظهورنا..
نرتديها كي نزرع دروبهم بإخضرار الآمان ، ونسارع بتبييض المواقف لهم ، وأعماقنا ترتجف رعباً من سواد مواقفهم..
نرتديها كي نُثبت صورهم على جدران التاريخ بقوة ، في وقت يهزون فيه هم صورنا على جدران التاريخ بقوة أشد..
نرتديها كي نبدو أمامهم بكامل قوتنا ، وكامل شموخنا ، وكامل صحتنا ، في وقت ننزف فيه الصحة ، وتنزفنا فيه الروح ببطء..